تمثل مرحلة “الشركة تحت التأسيس” وضعًا قانونيًا انتقاليًا وحساسًا في مسار تأسيس الشركات في المملكة العربية السعودية، وهي مرحلة تسبق القيد الرسمي في السجل التجاري، ولكنها تحظى بتنظيم دقيق وفق ما قرره نظام الشركات السعودي الصادر عام 1443هـ.
أولًا: مفهوم الشركة تحت التأسيس:
الشركة تحت التأسيس هي كيان يتم إنشاؤه من قبل المؤسسين بهدف مزاولة نشاط تجاري معين، إلا أنها لم تكتسب بعد الشخصية الاعتبارية الكاملة، إذ لا يتم ذلك إلا بعد القيد في السجل التجاري. ومع ذلك، فإن النظام السعودي يعترف لهذا الكيان بشخصية اعتبارية محدودة خلال مرحلة التأسيس.
ثانيًا: الوضع النظامي للشركة تحت التأسيس:
وفقًا لما نصت عليه المادة التاسعة من نظام الشركات:
“تكتسب الشركة الشخصية الاعتبارية بعد قيدها لدى السجل التجاري، ومع ذلك تكون للشركة خلال مدة التأس1يس شخصية اعتبارية بالقدر اللازم لتأسيسها، بشرط إتمام عملية التأسيس…“
بالتالي، فإن الشركة تحت التأسيس لا تُعامل معاملة شركة قائمة بكامل أهلية التصرف، ولكن يُمنح لها قدرٌ محدود من الشخصية الاعتبارية يكفي لإنهاء أعمال التأسيس، مثل التفاوض على عقود الإيجار، أو فتح حساب بنكي أولي، أو التوقيع على عقود مشروطة بالقيد الرسمي.
ثالثًا: آثار التعامل باسم الشركة تحت التأسيس:
إذا أبرم المؤسسون عقودًا باسم الشركة قبل قيدها في السجل التجاري، فإن النظام يُميز بين حالتين:
- في حال تم القيد لاحقًا: تنتقل كافة العقود والالتزامات التي تم إبرامها إلى ذمة الشركة، وتصبح مسؤولة عنها نظامًا، ويحق للشركة بعد القيد استرداد الضرائب المدفوعة لأغراض تأسيسها.
- في حال لم يتم القيد: يكون الأشخاص الذين تصرفوا باسم الشركة مسؤولين عنها شخصيًا وبالتضامن في مواجهة الغير، وفقًا لنص المادة.
وهذا ما يؤكده نص المادة:
“… إذا لم تستوفَ إجراءات تأسيس الشركة على النحو المبين في النظام، يكون الأشخاص الذين تعاملوا أو تصرفوا باسم الشركة أو لحسابها مسؤولين شخصيًّا في جميع أموالهم وبالتضامن في مواجهة الغير…”
رابعًا: حدود الأهلية النظامية خلال مرحلة التأسيس:
لا يجوز للشركة تحت التأسيس مزاولة النشاط التجاري فعليًا أو تحقيق أرباح أو توقيع عقود تجارية نافذة غير مرتبطة بأعمال التأسيس، قبل إتمام قيدها رسميًا، وإلا عُدّ ذلك مخالفة يعرض المؤسسين للمسؤولية القانونية.
خامسًا: التوصيات النظامية للمؤسسين:
- تضمين عبارة “شركة تحت التأسيس” في جميع المراسلات والعقود.
- الاحتفاظ بتوثيق جميع الإجراءات لتأكيد أن التصرفات تمت في نطاق أعمال التأسيس.
لمرحلة التأسيس أثر عميق على الملاك والمؤسسين، فوازن النظام بين تمكين المؤسسين من مباشرة الإجراءات الأولية، وبين ضبط مسؤوليتهم النظامية حمايةً لحقوق الغير. وعلى المؤسسين والممارسين مراعاة تلك الأحكام بدقة لتفادي التعرض للمسؤولية الشخصية والتضامنية في حال تعثر التأسيس أو تجاوزه حدوده المسموح بها.